تحقيق : الــنــاظــور… مــقــبــرة الــريــاضــة

15 فبراير 2014
تحقيق : الــنــاظــور… مــقــبــرة الــريــاضــة

التهريب والهجرة أهم والملعب محط أطماع لوبيات العقار والمنتخبون يحتقرون الكرة

لا تختلف الناظور عن مدن مغربية عديدة، ممن تعاني التهميش ولا مبالاة المسؤولين المنتخبين. في الناظور الرياضة ثانوية وغير مستحبة على الإطلاق رغم نداءات فئة قليلة يعتصر قلبها حرقة من غياب أي مؤشر إيجابي على تطويرها. «الصباح الرياضي» تفقد منشآت هذه المدينة المهمشة ووقف على اختلالات بنياتها التحتية من خلال «ربورتاج» يجسد بحق أن هناك ما هو أهم من الرياضة في نظر منتخبي هذه المدينة.

الرياضة غائبة مع سبق الإصرار

هناك في الناظور فئة قليلة غيورة تجتر معاناتها ومآسيها جراء غياب أي مؤشر حقيقي على ضمان إقلاع رياضي في مدينة تشتهر بإنجاب محترفين يتألقون في سماء الدوريات الأوربية. فمسيرو ومنتخبو الناظور يتنافسون على الكراسي وملفات العقار والصفقات أكثر من اهتمامهم بشيء اسمه كرة القدم أو رياضات أخرى. المهم أن الرياضة في نظرهم تعني الاستجداء بحر كل أسبوع واجترار المشاكل وطلبات الدعم وهلم جرا، علما أنها لم تعد وسيلة للترفيه، كما يظنون، بقدر ما أضحت هدفا للتنمية المستدامة. الغريب أن هؤلاء المنتخبين، على جهلهم، تراهم يفتخرون بملاعب مليلية المعشوشبة، عند حلولهم بها بين حين وآخر. يركنون سياراتهم جانبا للاستمتاع بفنيات مواهب إسبان يداعبون الكرة فوق أرضية ملاعبها المثيرة للفضول والدهشة لجودتها وأناقتها، وربما التقاط صور «فوتوغرافية» بجانب هذه الملاعب الأنيقة.

ملاعب مليلية..النموذج

يتحسر شباب الناظور كثيرا بعد كل زيارة إلى مليلية للتبضع، أو ممارسة الكرة بأحد ملاعبها المعشوشبة الرائعة، ألما لغياب ملاعب مشابهة بالناظور، أو على الأقل تستجيب لأبسط شروط الممارسة. مليلية تتوفر على ثمانية ملاعب معشوشبة ومراكز للتدريب وفضاءات لممارسة رياضات أخرى ومؤطرين يسهرون على تلقين أبجديات كرة القدم للبراعم والصغار، وأكثر من ذلك، تتوفر على مسيرين ومنتخبين يدبرون الشأن العام وفق حاجيات سكان المدينة، وليس استجابة لأطماع سياسوية وأغراض انتخابوية ضيقة، كما هو الحال في الناظور.

الهجرة والتهريب..

في الناظور يتحكم الثالوث (الهجرة والتهريب وأنشطة مشابهة)، عدا ذلك، فهو خارج الاهتمامات، بمعنى أن هاجس شباب الناظور يكمن في بلوغ الضفة الأخرى، بحثا عن آفاق أرحب، ثم التهريب، سعيا منهم إلى الخلاص والتخلص من ضيق الحاجة، لهذا فهذا الثالوث بات متحكما في عقلية الشباب، بالنظر إلى واقع المدينة المزري، خاصة في ما يتعلق بالجانب الرياضي، الذي يمكن أن يشكل متنفسا لهؤلاء الشباب.
وما أن تطأ قدماك الناظور، حتى يتضح جليا، غياب أي اهتمام بالرياضة سواء من قبل المنتخبين أو أغلب شباب المنطقة، وهي ظاهرة تعتبرها بعض الفعاليات الجمعوية تحصيل حاصل، طالما أن المدينة تفتقد ملاعب وقاعات رياضية تحتضن شبابها، فالقاعة المغطاة الوحيدة، أصبحت تئن لزمن كان يستضيف فيه فريق إثري الناظور منافسيه، قبل أن يندثر، فيما ملعب القرب بات مبعث قلق ممارسي ألعاب القوى، لافتقاده أرضية مطاطية. أما حالة الملعب البلدي، فأشبه بكابوس يؤرق مضجع الفرق المحلية، على قلتها.

الملعب..كارثي

ربما لن تحتاج إلى زيارة متكررة لتكتشف الوضعية الكارثية التي أضحى عليها الملعب البلدي للناظور، نتيجة الإهمال والتهميش اللذين تعرض لهما في السنوات الأخيرة. وما إن تلقي نظرة عليه وأنت على مشارف بابه الرئيسي الصدئ، حتى تشفق لحاله الردئ، بدءا بأرضيته المتربة، والتي تتحول إلى حقل «لزراعة» البطاطس عند كل تساقطات مطرية، ناهيك عن الحفر في أرجائها، فيما سياج الملعب أصبح متهالكا وصدئا يشكل خطرا على حياة الممارسين والجمهور على حد سواء. أما المدرجات، فبرزت بها شقوق وتصدعات متفاوتة الحجم، ما يهدد سلامة المشجعين خلال المباريات.

رشاشات صدئة

تنبعث من مستودع الملابس روائح كريهة جراء الحالة المزرية لمراحيض مستودع الملابس، والذي أصبحت وضعيته تقض مضجع اللاعبين والمسؤولين، الذين عجزوا عن ترميمه، بسبب قلة الإمكانيات المالية أمام تجاهل المجلس البلدي، الساهر على صيانة الملعب، الذي ربما سيشكل ملاذا للمتشردين في يوم من الأيام أمام تجاهل السلطات المنتخبة. وضعية الملعب تسوء أكثر في مثل هذه الأيام، التي تهطل فيها الأمطار بغزارة. أما رشاشاته، فصدئة، ولا تليق بمقام اللاعبين والمدربين والحكام، فيما هدم جزء من السور المحيط بالملعب دون أدنى تحرك للمجلس البلدي، مفضلا إصلاحات ترقيعية بين حين وآخر. لم يحرك أحد ساكنا للأسف رغم نداءات مسؤولي فتح الناظور وهلال الناظور، الفريقين المستقبلين في هذا الملعب، والذي أصبح مهددا بالانقراض والاندثار، ما لم يقو على الصمود أكثر أمام «لوبيات» العقار.

“لوبيات” تتربص بالملعب

يقول عديدون في الناظور إن الملعب البلدي أصبح مطمح بعض «لوبيات» العقار، لموقعه الإستراتيجي الهام، في ظل غياب سياسة رياضة، واهتمام المنتخبين بصفقات تفويت رخص البناء. أما المعارضة، فغائبة تماما، مفضلة سياسة الهروب إلى الأمام.
وما يزكي قرب اندثار الملعب، بناء فندق بأربعة نجوم بمحاذاته، ما جعله محط أطماع استغلال مساحته موقفا للسيارات أو بناء مسبح تابع للفندق، كما أن وجود الأخير بمحاذاة الملعب غير مناسب بالنسبة إلى الطرفين معا، تضيف فعاليات جمعوية.
لكن هناك من يذهب أن وكالة تهيئة بحيرة «مارتشيكا» تريد استغلال ملعب الناظور، بسبب موقعه في وسط المدينة، على أساس بناء ملعب جديد، لكن لا شيء حصل إلى الآن.

التعشيب.. الحلم الكبير

قبل سنة تعهد محمد أوزين، وزير الشباب والرياضة، بتكسية الملعب البلدي بالعشب الاصطناعي، أثناء زيارته للمدينة. حينها أبدى دهشته واستغرابه من حالة الملعب المتردية، متسائلا كيف لمدينة قاومت الاستعمار بشراسة أن يعاني شبابها من غياب ملعب يستجيب إلى تطلعاتهم. مرت سنة تقريا على وعود الوزير ولم يتحقق منها شيئ، ليبقي تعشيب الملعب الحلم الكبير، الذي ظل ينشده مسيرو ولاعبو الفتح والهلال الناظوريين.
وربما سينتظر هؤلاء إلى حين انتخاب رئيس جديد للجامعة من أجل الإسراع في تعشيب الملعب، بناء على عقد الأهداف، الذي تعتزم الوزارة توقيعه مع المكتب الجامعي المقبل، والرامي إلى تعشيب أزيد من 96 ملعبا لأقسام الهواة.

العمالة…وخيار الاستجداء

يلجأ فريقا فتح الناظور وهلال الناظور بين حين وآخر إلى عامل إقليم الناظور لاستجداء ثمن الوقود وتكاليف التنقل لا غير، طالما أن الميزانية المخصصة لهما من المجلس البلدي ضئيلة ولا تلبي الحاجيات، بل هناك من اعتبرها بمثابة «احتقار» لمسيري هذين الفريقين وكرة القدم تحديدا. ولا غرابة أن يضطر مسؤولو فتح الناظور إلى التهديد بالاستقالة بين الفينة والأخرى، في ظل الأزمة المالية الخانقة التي يتخبطون فيها. ففي كل موسم يلجؤون إلى الاستجداء سواء من السلطات المحلية، أو من بعض المحبين القاطنين خارج الناظور، ما دام أن هناك في المدينة من له اهتمامات و أولويات أخرى، تدر عليه أرباحا طائلة.

الفتح والهلال…الضحيتان

يبدو أن فتح الناظور والهلال أكبر ضحية في هذا الإقليم، بالنظر إلى الميزانية الضعيفة المرصودة لهما، لمواصلة نشاطهما بالقسم الأول والثاني هواة. فالأول، يحصل على 10 ملايين فقط من المجلس البلدي، فيما ينال الثاني تسعة ملايين لا غير، ما يطرح التساؤل حول المعايير المعتمدة في توزيع المنح على الفرق المحلية، إلى حد أن مسؤوليها يعتبرون الميزانية المخصصة «إهانة» لهم و«احتقارا» للكرة بالمنطقة. أما منحة الجهة، فلا تكفي بدورها لسد الخصاص الحاصل، بل هناك من يتهمها بالكيل بمكيالين، خاصة أن مقرها في وجدة، في إشارة إلى أنها «تغدق» على فرقها المحلية.
يقول محمد بورعدة، الرئيس المنتدب لفتح الناظور، إن المنحة لا تكفي لتغطية مصاريف التنقل، فبالأحرى تسوية مستحقات اللاعبين العالقة، مشيرا في تصريح لـ «الصباح الرياضي» أن المنتخبين لا يهتمون بالرياضة بالإقليم، إما لرفضهم ذلك حسب أولوياتهم، أو لجهلهم بالدور الكبير، الذي تلعبه كرة القدم في الحياة العامة. وأثنى بورعدة على عامل إقليم الناظور، الذي قال بخصوصه، إنه لا يتوانى في تقديم المساندة، كلما لجأ إليه فتح الناظور.

الرمضاني: نعاني التهميش ولا مبالاة المنتخبين

قال البشير الرمضاني، رئيس فتح الناظور، إن فريقه يعاني التهميش المطلق ولا مبالاة السلطات المنتخبة بالإقليم، مؤكدا أن الشأن الرياضي بالإقليم غائب تماما. وأضاف الرمضاني في تصريح لـ «الصباح الرياضي»، أن المنحة المخصصة لفتح الناظور، الممارس بالقسم الأول هواة، لا تكفي لسد الحاجيات، إذ يحصل فقط على 10 ملايين سنتيم من المجلس البلدي وخمسة ملايين من الجهة و11 مليونا من المجلس الإقليمي و35 مليونا من الجامعة، أي ما مجموعه 72 مليونا، فيما يصرف الفريق ما يناهز 160 مليونا، بالنظر إلى كثرة تنقلاته وبعد المسافة عن منافسيه، فضلا عن الرواتب ومنح اللاعبين والمؤطرين. وأوضح الرمضاني، أن الفريق يضطر إلى تدبير باقي المبلغ بمساهمة بعض أعضاء المكتب المسير ومساعدات بعض المحبين، ممن يقيمون خارج الناظور، والتي تتحكم فيها علاقات شخصية لا غير، حسب قوله.
وأكد رئيس فتح الناظور أن هناك مساعدات يحصل عليها الفريق بين الفينة والأخرى من السلطات المحلية، إلا أنها تبقى ترقيعية، بمعنى أنه ليس هناك حل للضائقة المالية التي يتخبط فيها الفريق، مشيرا إلى أن المؤسسات الاقتصادية بالإقليم لا تقدم أي مساعدة مالية له.
وتحدث الرمضاني عن الحالة المزرية للملعب البلدي، والذي أصبح محط أطماع، بالنظر إلى موقعه الهام، مؤكدا أن هناك مخططا للقضاء كليا على هذه المعلمة. وأبرز الرمضاني أن المكتب المسير هدد مرارا بتقديم استقالته احتجاجا على لامبالاة مسؤولي هذه المدينة، وقد يضطر إلى تنفيذها في الأيام القليلة المقبلة.

 sbh

عن الصباح

عيسى الكامحي

الاخبار العاجلة